فجأة ظهر على سطح الحياة السياسية في مصر، اسم الدكتور عصام الحداد، مستشار الرئيس محمد مرسي للشئون الخارجية، الرجل ذو النفوذ الغامض داخل قصر الرئاسة، خاصة بعدما تسبب في نثر مزيد من الغبار على وجه مؤسسة الرئاسة، بعد اتهامه للمحكمة الدستورية العليا بأنها من قوى الثورة المضادة، وذلك في البيان الذي كتبه بالإنجليزية على صفحته للتواصل الاجتماعي، والذي وصفته المحكمة الدستورية في مؤتمر لها بأنه محض كذب وافتراء.. الحداد إذن هو صاحب الزوبعة التي أجبرت الرئاسة على إصدار توضيح تسبب في توريط الرجل أكثر مما أفاده.
المعلومات عن “الحداد” ليست كثيرة، فهو يفضل اللعب في الكواليس، كما يكره الأضواء، ويرفض الظهور الإعلامي كثيرًا، ولم يسمعه أحد في خطاب عام.. لكنه -رغم هذا الغموض- يبقى العقل المفكر، وصاحب العلاقات الدولية التي اعتمد عليها التنظيم الدولي لسنوات؛ من أجل تجميل وجه الإخوان في فترة الحرب على الإرهاب.
عصام الحداد.. الرجل السكندري، هو رجل وثيق الصلة بخيرت الشاطر نائب المرشد، وتردد بعد فوز مرسي بالرئاسة ودخوله مكتبه بصحبة الحداد أنه رجل الشاطر في قصر الرئاسة، وأنه عَيْن الشاطر على مرسي، فلا يوجد قرار أو لقاء يقوم به مرسي لا يحضره الحداد.. وكانت هناك معلومات عن تعيينه رئيسًا لديوان الرئيس، لولا اعتراض المشير طنطاوي وقتها، والذي رفض تعيين أحد أعضاء مكتب الإرشاد في الرئاسة، وهو ما استجاب له مرسي واستبدله بالسفير محمد رفاعة الطهطاوي، وبعد تخلص مرسي من المجلس العسكري، قام بتعيين مساعديه ومستشاريه، وكان أهمهم بالطبع الحداد، وحسن القزاز منسق تنفيذ مشروع النهضة.
ونجح طبيب التحاليل، الذي درس في إنجلترا، وحصل منها -بجانب دراسته للطب- على ماجستير إدارة الأعمال بجامعة أستون، في صنع علاقات متميزة بين الرئيس مرسي ورجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا؛ وذلك لإعادة العلاقات القوية بين مكتب الإرشاد في مصر والفرع التركي بقيادة أردوغان، على أساس شراكة جديدة تدعم من خلالها تركيا التجربة الإسلامية الوليدة في حكم مصر.
إلا أن إعلان مرسي الدستوري في 22 نوفمبر الماضي، والذي أطاح بالنائب العام، وحصَّن قرارات الرئيس، ومظاهرات المعارضة ضده، تسبب في فشل زيارته الأخيرة للولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث لم يتمكن من إقناع زعماء الكونجرس من تمرير دعم بنصف مليار دولار كمساعدات عاجلة لمصر، ودعم طلب القرض المصري من صندوق النقد الدولي، والتي توقفت عقب تداعي الأحداث في مصر، والتي قلبت التأييد الأمريكي لمرسي بعد نجاحه في إنهاء الصراع في غزة إلى حالة ترقب شديد.
لم تفلح كل تعهدات الحداد لمايكل بوسنر، مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية للشئون الديمقراطية وحقوق الإنسان، بعودة العمل لمنظمات المجتمع المدني، أو تأكيده لمستشار الأمن القومي الأمريكي، توم دونيلون، على العلاقة الإستراتيجية بين الولايات المتحدة ومصر في إقناع واشنطن بالتراجع عن تشددها تجاه رفض الولايات المتحدة لمساعدة مصر، وعاد الحداد من أمريكا بخفي حنين.
ومع تصاعد الغضب الدولي من مصر بسبب الاعتداء على السلطة القضائية وحصار المحكمة الدستورية العليا، ثالث أهم المحاكم في العالم، حاول الحداد أن يصنع رأيًا عامًّا دوليًّا يتقبل فكرة تآمر المحكمة على الثورة المصرية والرئيس مرسي، وأنها أصدرت حكمًا مريبًا بحلِّ مجلس الشعب، وينتظر أن تصنع حكمًا مماثلًا ضد الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى.. وعلى أثر ما كتبه بالإنجليزية عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي، وتناقلته وكالات الأنباء الغربية، ظهرت المحكمة الدستورية لترد عليه، وتطالبه بتقديم الدليل، والتوجه به إلى جهات التحقيق، وهو ما لم يحدث؛ مما وضع الحداد ومؤسسة الرئاسة المأزومة دوليًّا، في أزمة دولية جديدة.