دائما يكون لكل شيء وجهان, الوجه … والوجه الآخر , هكذا تعلمنا وهكذا حياتنا لكل شيء وجه ايجابي ووجه سلبي وجه مقبول وآخر غير مقبول وهكذا.. , وتتفاوت نسب تقبلنا للوجه الآخر كل حسب طريقة تفكيره وثقافته وكذلك حسب رؤيتنا وميولنا الفكرية , ولكن في أيامنا تلاشت الحدود بين الوجه والوجه الآخر وأصبح التعصب هو من يحكم علي الوجه الآخر وكيفية فرض السيطرة علي الحوار, وليس الفكر والثقافة وأصبح خلط الأمور أمر طبيعي , فالمؤيد لا يري الوجه الذي قد يجعله معارض أو حتي منصف في آرائه وكذلك المعارض لا يري سوي الوجه الذي لا يغير من واقع تفكيره في شيئا , فأصبح كلا من المؤيد والمعارض يري الأمور من وجه واحد فقط وهو الوجه المؤيد لفكره .
قد يكون هذا أمر طبيعي بعد الثورة خاصة بعد فهم المصريين الخاطئ لحرية التعبير عن الرأي فأصبح للجميع رأي متعصب وأصبح هناك انقسام بين فئات المجتمع ما بين مؤيد للثورة والثوار وينادي بأهدافها ويؤيد التغيير بعيدا عن كونه ايجابي أو سلبي مقابل معارضته الشديدة لكل ما كان قبل الثورة والنظام – باعتبار أن الثورة محت النظام – وآخر معارض للثورة ولا يتقبل أي تغيير حتى إذا جاء في مصلحة الوطن وهم كل من تمثل في النظام والوطني المنحل وأصحاب فكرة الاستقرار ومعظم مؤيدي فكرة التغيير في هدوء وهم في الحقيقة غالبية الشعب المصري من البسطاء وأصحاب الدخل اليومي , ولا يستطيع احد إنكار سيطرة الوطني علي مقاليد الامور حتي وقت متأخر ان لم يكن حتي الآن , وما تفعله القوي الوطنية والجماعات الاسلامية ما هو إلا دعاية منظمة تهدف لتحقيق المصلحة في الوقت المطلوب وليس دوما بإستخدام أي وسيلة تؤدي لتحقيق أهدافهم .
وبعدما جاء الدكتور مرسي رئيسا اصبحنا نعيش زمن الوجه الواحد بوضوح شديد خاصة وان انتماءه لجماعة السمع والطاعة التي لا يستطيع أحد أفرادها خروجه عن المنظومة الاخوانية وقراراتها , وبالتالي لا يمكن لأحد قادة الجماعة أو حتي أفرادها إنتقاد رئيس الجمهورية أو رؤية الوجه الآخر لقراراته بالإضافة لباقي الجماعات الاسلامية التي تجد مصالحها مع الرئيس وسلطة الجماعة خاصة وأنها تنتهج نفس فكر الجماعة الاسلامي , وكذلك أيضا معارضيه من مؤيدي الرئيس السابق ومناهضي الثورة ومؤيدي الفريق أحمد شفيق , لا يرون فيه ما قد يجعلهم متقبلين لقراراته فأصبح طريفا أن تجد أمرا يؤخذ علي الرئيس , يصنع منه مؤيديه أمرا يحسب له ويضاف لإنجازاته , والعكس بالتأكيد , وهكذا باقي القوي الوطنية والشخصيات السياسية التي معظمها يخشى معارضة قرارات الرئيس فيصبح من الفلول خاصة أصحاب الصيت الثوري والبعض الآخر يخشى فقدان شعبية معارضي الرئيس فيصنع من قراراته ما يجعلها غير صائبة , وخلاصة فقد أصبح لا مجال أمام الرأي الآخر , المؤيد يؤيد دون وعي والمعارض يعارض دون تفكير لا يضع أحدهم المصلحة العامة اهتماما ولا يهتم أحد بالصورة الكلية لذلك فعلي مؤيدي الرئيس التخلي عن جزء بسيط من فيلم التأييد الأعمى الذي قد يصنع ديكتاتور جديد وعلي المعارضين النظر إلي الأمور بشئ من الأنصاف حتي يأخذ الرئيس حقه في استكمال المسيرة .