عندما بدأت ثورة 25 يناير. رحبنا جميعاً بما يقوم به الثوار من رفض للنظام الفاسد. واستبشرنا بمرحلة جديدة يسود فيها حكم القانون.
وعندما تم الإعلان عن حل جهاز أمن الدولة استبشر الجميع بأننا تخلصنا من جهاز فاسد.. وفرح الكثيرون من اختفاء الأمن المركزي من الشوارع والميادين لأنه كان يمثل لنا عصر الديكتاتورية والفساد.
ولكن ما يحدث اليوم في الشارع المصري في هذه الأيام من أعمال البلطجة واستخدام العنف والاعتداء علي الممتلكات والسرقة العلنية. بل واغتصاب النساء والفتيات في عز الظهر. وفي الأماكن العامة. يجعلنا نتوقف للتفكير والفرز بين ما هو ثوري. وما هو غير ثوري؟!.. بل إننا لا نجد وصفاً لما يحدث في الشارع المصري هذه الأيام إلا أنه “فوضي”. ولكن هذه الفوضي هي فوضي منظمة ومدروسة. ومدعومة من جهات متعددة.. بل إنها قوات منظمة ومدربة ليس بعد ثورة يناير. ولكن تنظيم تلك الفوضي وتمويل وتدريب الفوضوية حدث من عدة سنوات.. فكل الهاربين من السجون ومن الأحكام استخدموا من جهات أمنية وجهات حزبية. لاختلاق الفوضي في أيام الانتخابات وفي كل التجمعات التي كانت لا تروق للنظام الفاسد.
في يوم 17 أبريل الحالي نشرت الصحف أن الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء رأس اجتماعاً وزارياً لبحث الحالة الأمنية المتردية لاتخاذ سياسات فاعلة لردع أي خروج علي الشرعية والقضاء علي أي شكل من أشكال الفوضي والبلطجة التي تمثل ظواهر غريبة عن المجتمع المصري وما تمثله من آثار سلبية علي كل مناحي الحياة خاصة علي المسار الاقتصادي والاستثماري وأمن المواطن.
نحن نناشد رئيس الوزراء ونناشد المجلس الأعلي للقوات المسلحة الضرب بشدة وبلا هوادة للفاسدين والمفسدين. واستعادة الأمن والأمان للمواطنين.
إننا سعدنا بما حققته ثورة 25 يناير من إنجازات أطاحت بالفساد السياسي والاقتصادي. ولكننا لا نرضي أن توصف ثورة 25 يناير بأنها هي التي فتحت الأبواب للفوضي والبلطجة التي تعاني منها كل فئات الشعب المصري.
لا نستطيع إنكار ما يحدث في الشارع المصري الآن من ارتفاع معدلات الجريمة والبلطجة في كل مكان مما يجعلنا نتحسر علي أيام الأمن المركزي وجهاز مباحث أمن الدولة.
الرأي العام في مصر الآن يتساءل: هل نحن فعلاً شعب لا يرتدع إلا بحكم الفرعون. أو الحاكم المستبد.. وأن الحديث عن الحرية والثورة والكرامة مصطلحات تكتب وتذاع ولكنها لا تقنع المواطن الذي يتعرض للسرقة والإهانة والموت من جانب اللصوص والبلطجية؟!
هل الثورة هي التهاني بشعارات عن حرية الوطن والمواطن في الوقت الذي فقد فيه المواطن في عهد الثورة كل إحساس بالأمن والأمان؟!
هل الحكومة ضعيفة إلي هذا الحد؟!.. لا أعتقد ذلك لأن السلطة اليوم في يد المجلس العسكري الذي له قوته وهيبته.. ونحن نطالب الجيش أن يستخدم قوته وهيبته وألا يسمح بأي تجاوز.
نعم الجيش حمي الثورة ومازال حتي الآن.. ولكننا نطلب منه اليوم تطبيق الأحكام العسكرية الرادعة علي كل من يرتكب أي عمل إجرامي أو بلطجي.
الأحكام العسكرية رادعة تصل إلي حد الإعدام. ونحن نطالب الجيش بأن يطبق تلك القوانين بحزم وقوة.
إن المواطن المصري الشريف لا يخشي تلك القوانين الرادعة. لكنه يرحب بها.
نريد أن نري علي شاشات التليفزيون شنق الخارجين علي القانون لكي يرتدع الجميع.
نقول لرجال الجيش: حمايتكم للثورة لا تتحقق إلي بتنفيذ القوانين المشددة. فالثورة ليست فوضي والمطالبة بالحرية لا تعني الإفساد والتخريب والاعتداء علي البشر وعلي الممتلكات.
الضرب بيد من حديد وتطبيق أحكام الإعدام علي كل من يخرج علي القانون هو الأسلوب الأمثل لحماية الثورة. وحماية مصر والمصريين.
الشرطة العسكرية لابد أن تقوم بواجبها دون تردد لفرض الانضباط في كل مدن وقري مصر. حتي تتعافي أجهزة الشرطة وتعود إلي سابق عهدها.. فأي مواطن صالح لا يخشي الشرطة ولكنه يساندها للقيام بواجبها لحماية الوطن والمواطنين.
إن جهاز الشرطة بدأ يتعافي مما أصابه من أذي في بداية الثورة. حينما حاولت قيادة هذا الجهاز استخدامه في أغراض تتنافي مع واجباته في حماية الوطن.
علي جهاز الشرطة أن يعرف الآن مدي أهميته بالنسبة للمواطنين. ولكن بعد إبعاد العناصر التي شوهتها القيادة السياسية في المرحلة الماضية.
اليوم يتطلع كل المواطنين إلي الشرطة طالبين حمايتهم. ولكن في كثير من الحالات لا تستجيب الشرطة لمطالب الجماهير وطلبها الحماية.. مما جعل المواطنين لا يفكرون في الاتصال أو اللجوء إلي الشرطة التي مازالت غير قادرة علي تلبية كل مطالب المواطنين في الحماية.
لابد أن تضرب الشرطة بين من حديد علي أيادي اللصوص والبلطجية والمعتدين علي ممتلكات الدولة والأفراد.
إن ضعف الأمن في مصر لا يؤثر علي المواطنين المصريين في المدن والقري فقط. ولكن ضعف الجهاز الأمني يعني عدم الاستقرار. مما يؤثر علي السياحة والاستثمار والإنتاج.
الثورة ليست مجرد تعبير عما يريده الناس سواء كان ذلك بحق أو باطل.. ولكن الثورة هي أداة لتحرك المواطنين بلا خوف وفي إطار القانون من أجل العمل والإنتاج وليس التسكع في ميدان التحرير بعد أن حققت الثورة كل مطالبها.
الثورة تحتاج إلي قوة ضاربة علي يد الفساد والمفسدين. وهذه القوة الضاربة هي القوات المسلحة التي كانت دائماً حصناً للوطن والمواطنين.
إننا جميعاً نعي ثقل المهمة الملقاة علي عاتق الجيش المصري الذي كان دائماً حامياً لمصر والمصريين.
إننا نتطلع إلي الجيش في هذه الأيام. لكي يقف مع الشعب. بل في مقدمته لمواجهة البلطجة التي تضخمت وأصبحت هي التي تحكم الشارع المصري.
إن ما يحدث من عمليات البلطجة. توسعاً وصل إلي كل المؤسسات وكل المواقع وكل المنازل والمرافق العامة وما يحدث من سرقات علنية لمحلات الذهب وغيرها.. وما حدث من السطو علي البنوك. وما حدث من سطو علي المنازل. وقتل الأبرياء من أجل السرقة. وما حدث من بلطجة ضد المستشفيات وما يحدث من عمليات خطف الفتيات واغتصابهن ليس عملاً فردياً.. إن ما يحدث في مصر من بلطجة. هو عمل مدروس ومخطط من جانب قوي الثورة المضادة التي سلطت علي الشعب لتأديبه ومؤاخذته علي القيام بثورة ناجحة مع محاولة تشويه تلك الثورة أو تحطيمها.
إن الأمن والأمان هما الركيزة الأساسية لبناء الوطن وهذه هي مهمة المجلس العسكري إلي أن يستعيد جهاز الشرطة كفاءته وتطهيره من الفساد.