بعد اكثر من عشرين يوما مرت على اعتصام بعض القوى السياسية فى التحرير رافعين باقى مطالب الثورة التى لم تتحقق بعد ، وبالرغم من انجازحكومة شرف بعض المطالب التى عاد من اجلها الثوار الى ميدان التحرير الا ان هناك رؤية الى ان ما تم تحقيقة غير كاف ، وهذا ما دفع بعض القوى السياسية لمواصلة الاعتصام وقوى اخرى قامت بتعليقة دون فتح حوار مع القوى المستمرة والمتواجدين جنبا الى جنب داخل الميدان .
فاعتصام 8 يوليو لم يكن من اجل ترقيع مجلس الوزراء او تغيير محافظين ولكن كان الهدف منه اثبات الركن الثانى من الثورة والتى بدونها لم تكن ثورة بل لا تتعدى انتفاضة شعب على مفسديه ، فالثورات فى العادة تقام لأسقاط رؤس الفساد والانظمة المستبدة ومن ثم اعادة هيكلة مؤسسات الدولة بعد تطهيرها حتى نصل الى ثورة مكتملة الاركان اما اذا لم تحدث عملية اعادة الهيكلة والتطهير فتصبح ثورة منقوصة . والثوارات المنقوصة فى العادة تضيع حقوق الشعوب .
فالانسان البسيط لا يشعر بالتغيير على الاطلاق فى ظل الثورات المنقوصة فكل شيئ باق كما هو ، لا فرق بين ما قبل الثورة وما بعدها ، فمن يعتلى رؤوس المؤسسات مازال يتقاضى الالاف ومازال يقود بنفس الطريقة والفكر القديم ، والمرتشى يقبع فى مكانة ، والمفسد لم تدركه الثورة فبات كل شيئ على غير طبيعتة الثورية لتتلاشى على اثر ذلك العدالة الاجتماعية.
ومن هنا كان لزاما علينا ان نستكمل قضيتنا التى بدأناها يوم 25يناير ونخرج من جديد مطالبين بأعادة هيكلة كل مؤسسات الدولة السيادية منها اولا. فكانت وزارة الداخلية على رأس الفكرة ومحاكمة كل من كان له علاقة بقتل الثوار الشرفاء ، ومن اعدم ملفات امن الدولة ليتستر على الفساد ، ومن عثى فى الارض – كرها او طوعا – فى ظل النظام السابق المستبد ، وكان له درعا وسيفا يصول ويجول فى دنيا القهر والظلم لا يراعى فى اللة شعب انهكه البحث عن فتات المائدة لسد جوعة وعلاج مرضه.
وحدثت بالفعل بادرة تطهير فى وزارة الداخلية من حيث فصل الضباط المتورطين بقتل الثوار ورفت 509 لواء كما شملت حركة تنقلات واسعة لم تشهدها الوزارة من قبل ، ولكن نرى انها امورا غير كافية فاعادة هيكلة جهاز الشرطة بأكملة مع تجميد الامن الوطنى كانا مطلبين فى منتهى الاهمية ومن ثم أستبعاد العسيوى – وخاصة بعد احداث موقعة البالون – يليه كل رجال العادلى اوالحرس القديم و عليها يصبح جهاز الشرطة بداية لأرساء مبدأ الشرعية الثورية فى البلاد تحت ظل قيادة مدنية .
ومن ناحية اخرى فالمحاكمات العاجلة والعلنية امرا تبنته الثورة منذ اشعال فتيلها حتى نتمكن من تفعيل دولة القانون وبالفعل وضع هذا المطلب فى حيز التنفيذ وخاصة بعد جمعة الغضب الثانية – 27 مايو – ورئينا العادلى ومساعديه خلف قفص الاتهام وتم تحويل مبارك ونجلية على اثرها الى الجنايات ومن ثم ستجرى محاكمتهم – بغض النظر عن مكان وطريقة المحاكمة .
والناظر للجوهر والمفند للامور يستطيع ان يجزم بأنها حالة من حالات الالتفاف حول مطالب الثورة لان تطهير القضاء باقالة محمد الجندى وزير العدل وعبد المجيد محمود النائب العام ومزورى الانتخابات ووقف كل من تجاوز الستين عاما من القضاة عن العمل وفصل كل من كان عونا للنظام السابق كل ذلك كان يجب ان يكون قبل المحاكمات لضمان نزاهة وحيادية الاحكام ، فالموالاة للنظام السابق والطاعة هى من دفعت بهؤلاء القضاة الى مناصبهم فكيف نأتمنهم على محاكمة من اتى بهم .
هذه بعض الامثلة التى كنت اود ان اشير اليها والتى نرى فيها ان من كلف بأدارة شئون البلاد يستطيع ان يفعل ولكن شيئ ما يعرقل حركته فيتوقف ولا يفعل ، فكان لوسيلة الضغط الجماهيرى ونزول المليونيات الجمعوية شرطا لتحقيق ما تم الاتفاق علية مسبقا من مطالب للثورة عندما عمل المجلس فى بدايته كراعى لها وأأتمناه على شرعيتها.