الإعلام وصناعة أبطال من ورق!

بقلم الكاتبة الإعلامية:اوعاد الدسوقي
حاليا وبنجاح ساحق يمكنك ان تصبح بطلا في دقيقة واحده اوكازيون وتخفيضات هائلة وهداية مجانية تمكنك من الظهور في 10 برامج يوميا ماعليك الا أن:
1: تختار شخصية عامة او عسكرية وتبدأ تشتم فيه.
2: أن قوم بفعل تافه لكن يكون غير معتاد.
3: تحدث عن بطولاتك الكاذبة ودورك في صنع الثورة.
4:ان تمتلك صوت عالي ولسان طويل ونقد لاذع لكل خلق الله.
هذه هي الشروط لتصبح بطلا اعلاميا؟! فأن توفرت فيك هذه الشروط ما عليك سوى مراسلة البرنامج الفلاني او الاتصال بالصحفي العلاني ودع الباقي عليهم ولا تشغل فكرك سيتم صنع بطل قومي منك ومبروك عليك الشهرة وللشعب الصبر والسلوان.

للأسف الإعلام المصري بمختلف انواعه يتجه نحو الهاوية .اعلام يتشكل حسب اللحظة ويتلون بلون الحدث دون مراعاة المصداقية . لا رؤية مستقبلية يرتكز عليها ولا استراتيجية تميزه ريادة مفقودة واقلام مهزوزه او مأجورة..وبرامج تضع السم في العسل.

خرج الاعلام من عباءة نفاق النظام البائد ليرتدي عباءة نفاق الثورة والثوار والمجلس العسكري. ليرتكب نفس الحماقة ويصنع من بعضهم ابطال ويحولهم الي نموذج فظ للديكتاتورية التي لا تؤمن الا بما يقتنعون به حتي وان كان خطئ وضد مصلحة البلد وضد رأي الاغلبية الاعلام المصري يقع في نفس المستنقع الذي اوحل فيه مصر لمدة 30 عام

فالاعلام يتحمل جزء كبير من فساد النظام البائد وجرائم المخلوع وحاشيته حيث ساهم في تزيف الحقائق وتصوير رجال الحكم علي انهم ملائكة الله في الارض والمخلوع مبعوث العناية الالهية. لشعب مصر جعل الاعلام من المخلوع بطل وأسطورة .

الاعلام المصري اراد ان يتطهر من رجس النظام البائد حتي يظهر بمظهر المؤيد للثورة والثوار والعسكري فأرتكب نفس الخطاء فهم الان يصنعون ابطال من ورق باسم الثورة
وهنا لا نقصد الثوار الحقيقين الذين قاموا بدور رائع في الثورة ولكن نقصد ثوار الإعلام الذين لا يملكون الا الصراخ والضجيج يأتونا يوميا علي شاشات التليفزيون خمسا كــ مرات الصلاة

تغلق التليفزيون و تتصفح الجريدة تجدهم ايضا في حوارات ومقالات هؤلاء لم يقدموا للثورة شيئ سوى الكلام والظهور هؤلاء لم يفعلوا شيئ غير التسلق علي اكتاف الثوار الحقيقين الذين لا يعلم عنهم الاعلام شيئ لانهم فعلوا ما فعلوا ليس ابتغاء شهرة ولكن ابتغاء وجه الله وحب الوطن ظل الثوار الحقيقين بمنأى عن الاعلام و المهاترات وتركوا الساحة للأبطال الورق ابطال الفضائيات بفضل الاعلام الذي صنع من الفسيخ شربات ومن المنافق بطل.

أهمل الاعلام الاهداف الحقيقية التي قامت من اجلها الثورة واهمل قضايا المواطن البسيط وتفرغ الإعلاميين للجري وملاحقة هؤلاء الببغاوات الذين يتكلمون فقط دون فعل حقيقي .تفرغ الاعلام لصناعة ابطال من ورق واختراع قصص وتبارت كل وسائل الاعلام في مضمار الهيافة والتفاهة .

فقد الاعلام المرئي الريادة العربية وفقدت الصحافة المصداقية الصحفية وتاهت الحقائق وظهرت فئة من الاعلاميين والصحافيين لا تجيد شيئ غير التافه . انحرف الاعلام المصري عن رسالته السامية واهدافه النبيلة الي اعلام لا يعرف الا لغه المال والفرقعة الاعلامية لزوم زيادة مبيعات الصحف .. او الاعلانات بالنسبة للبرامج. نري صحافة وجرائد تفوح منها رائحة التحريض وسكب البنزين علي النيران حتي تظل مشتعله ليظفروا بمادة صحفيه لعدة اشهر.

وبرامج تذيع اي شيئ في اي شيئ وتعمل من الا شيئ شيئ لتشغل به الرأي العام لتضمن اكبر نسبة من المشاهدة والربح الاعلاني.والمجد الاعلامي دون النظر الي تأثير المادة المذاعة او المنشورة علي البلد سوا بالسلب او الإيجاب.

متي يتحمل الاعلام المصرية المسؤلية؟! متي يدرك انه شريك اساسي في تغير المجتمع ويجب ان تكون هذه الشراكة ايجابية تعود بالنفع علي مصر؟! متي يفهم الاعلام المصري
انه أداة فعاله في اكتساب المجتمع قيم جديدة وتغير قيم سلبية ويجب ان تكون هذه الاداة الاعلامية مبرمجة بالاخلاقيات وعدم الخروج علي ميثاق الشرف الاعلامي؟

الاعلام المصري الي اين؟! هل سيعود الى الريادة الذي فقدها منذ ثلاثة عقود ام سيستمر في الانزلاق نحو الهاوية مكتفي بصناعة ابطال من ورق ومنحهم وسام لبطولتهم المزيفة التي من انتاج واخراج وسائل الاعلام المصرية المقروءة و المسموعة والمرئيه؟!