أراد الله عز وجل ان تتأجل انتخابات نقابة الصحفيين لكي يأخذ الزملاء الأعزاء أعضاء النقابة المزيد من الوقت في التفكير الهاديء والترجيح العاقل المنطقي بين الزملاء المرشحين بعيداً عن ضوضاء الدعاية الانتخابية لكي يختاروا نقيبهم وأعضاء مجلس نقابتهم بعيداً عن كل المؤثرات الخارجية حتي تظل النقابة بيتاً لكل الصحفيين وحصناً منيعاً أمام كل القوي السياسية والدينية التي تحاول السطو علي اسم وتاريخ أشهر نقابة مهنية في مصر وتوظيفها لتحقيق أهدافها السياسية والأيدلوجية.
أراد الله ان يأخذ الزملاء أعضاء نقابة الصحفيين فرصة جديدة لكي يحسنوا الاختيار هذه المرة ويأتوا بنقيب وأعضاء مجلس قادرين علي إدارة النقابة خلال السنوات الأربع القادمة والتي تتعاظم فيها التحديات أمام مهنة الصحافة وأمام المؤسسات الصحفية القومية والخاصة في ظل تراكم الديون علي هذه المؤسسات وعداء قوي سياسية فاعلة لكل الصحف القومية التي تضم أكبر عدد من صحفيي مصر ورغبة هذه القوي في تصفية حسابات معهم دون تقدير للظروف الصعبة التي عاشتها البلاد في ظل النظام السابق الذي وضع يده علي معظم مؤسسات العمل السياسي والاقتصادي والإعلامي والثقافي ووظفها لدعم مواقفه وسياساته والدعاية لإنجازاته الوهمية.
الصحفيون المصريون الآن أكثر وعياً وإدراكاً لخطورة تسليم نقابتهم لجماعة أو حزب أو تيار سياسي يطمع في استغلال اسمها وتاريخها لتحقيق أهدافه السياسية. ولذلك سينحازون بكل تأكيد لأصحاب المواقف القوية الذين يملكون القدرة علي حماية النقابة والمهنة من كل محاولات الاستقطاب ويملكون القدرة علي الحوار والدفاع عن الحقوق واقتناص المكاسب لجموع الصحفيين دون التفريط في اسم النقابة وتاريخها العريق.
الصحفيون وهم فرسان الكلمة الذين يحملون مشاعل حرية الرأي والتعبير يدركون جيداً ان “تسليم” نقابتهم لتيار سياسي أو فكري يعني بكل تأكيد القضاء علي تاريخ هذه النقابة التي ظلت منذ انشائها وحتي اليوم ساحة للفكر الحر والمواقف السياسية الشجاعة رغم محاولات النظام السابق الاستحواذ علي نقابة الصحفيين.
لقد عرض الزملاء الأعزاء الذين تقدموا لموقع النقيب وعضوية مجلس النقابة برامجهم الانتخابية وأفكارهم لتطوير أداء النقابة ورسم مواقفها السياسية ودعم مواردها الاقتصادية ودورها في ضبط إيقاع الأداء الصحفي الراقي الذي يعلو بالمهنة ويحميها من المستغلين وما أكثرهم وواجب الزملاء الأعزاء قبل ان يذهبوا إلي صناديق الاقتراع أن يفرزوا ويميزوا بين الغث والسمين من الآراء والأفكار والمقترحات .. علي كل الصحفيين الأحرار الحريصين علي سمعتهم ومهنتهم ان يتخلوا عن المشاعر والخواطر والنزاعات العصبية والطائفية وان يختاروا بموضوعية ومهنية مطلقة .. ان ينحازوا لمن يلتمسون فيه الصدق والتعقل والموضوعية والقدرة علي التضحية من أجل زملائه الذين يمرون بمحن وظروف قاسية عليهم ان ينحازوا لكل من يقاتل بشرف من أجل المهنة والحفاظ علي قيمها وأخلاقياتها السامية.
منذ أيام أيقظتني من النوم “أخت” لا أعرفها لكي تذكرني بموعد انتخابات نقابة الصحفيين فشكرتها وتوقعت انها موظفة في النقابة ومكلفة بتذكير الصحفيين بموعد انتخاباتهم .. لكن سرعان ما كشفت هي عن هوية الجهة التي تعمل لحسابها بمجرد ان طلبت مني تسجيل عدد من أسماء الزملاء المرشحين لكي أنتخبهم!!
بالله عليكم: هل هذا الأسلوب البدائي المستفز يصلح مع صحفيين مهمتهم الأساسية تبصير الجماهير بحقوقهم السياسية وحث الناخبين في مصر علي حسن اختيار من يمثلهم؟!
واجب كل الصحفيين المصريين الآن ان يدركوا المخاطر الكثيرة والتحديات الكبيرة التي تحيق بمهنتهم وان يدركوا ان الكلمة العليا في الشأن الصحفي خلال الأيام القادمة ستكون للنقابة فلن يقبل الصحفيون سيطرة حكومة أو حزب أو جماعة علي القرار والموقف الصحفي .. وهذا يفرض علينا اختيار نقيب صاحب موقف .. نقيب له رؤية سياسية لا تستطيع جهة ما ان تسيطر عليه وتحدد مواقفه وترسم له سياساته.
واجبنا نحن الصحفيين ان نختار مجلس نقابة قوياً وان نفتش في قائمة المرشحين عن أصحاب الرؤي والمواقف والعقل والحكمة بعيداً عن ميولنا الشخصية فقد يعز علي مرشح وتربطني به صلة مودة ومحبة ولكن الأمانة والإحساس بالمسئولية يفرضان علي ان انحاز لغيره من الذين يصلحون لتحمل المسئولية في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المهنة والنقابة.
واجبنا الآن أيها الزملاء الأعزاء ان نفكر جيداً قبل ان نمنح ثقتنا لنقيب أو لعضو في مجلس النقابة وان نحكم ضميرنا المهني والأخلاقي .. من واجبنا ان نفكر جيداً في قدرة هذا الزميل العزيز علي العطاء وقدرته علي اتخاذ موقف بعيداً عن الوعود البراقة والرشاوي الانتخابية التي لم يعد لها مكان في نقابة الصحفيين.
نقابتنا في ظل المتغيرات السياسية التي تعيشها البلاد والتحديات الاقتصادية الخطيرة التي تعيشها كل المؤسسات الصحفية القومية والحزبية والمستقلة تحتاج إلي نقيب وأعضاء مجلس نقابة قادرين علي اتخاذ مواقف وقرارات حاسمة داخل مجلس النقابة للدفاع عن حقوق الصحفيين والتصدي بكل قوة لكل من يحاول الاستحواذ علي نقابة الصحفيين واستغلال اسمها وتاريخها وتأثيرها الكبير في الحياة السياسية والفكرية والثقافية في مصر.
لقد انتهي زمن النقيب الذي تسانده الحكومة برشوة انتخابية .. انتهي زمن رؤساء مجالس إدارات وتحرير الصحف الذين كان يقودهم صفوت الشريف لدعم مرشحي الحكومة لمنصب النقيب وعضوية مجلس النقابة.
تذكروا أيها الزملاء الأعزاء اننا الآن نعيش عصر ما بعد الثورة .. عصر الحرية والاستقلال .. عصر حرية الاختيار .. لذلك أرجوكم : احسنوا اختيار من يقود نقابة الصحفيين خلال أخطر أربع سنوات في تاريخ مصر.