في أوائل الاعتصامات الفئوية التي تلت أحداث يناير فبراير ارتعشت أيادي من يديرون الامور فاستجيب لها فاستملح البعض نفس الاسلوب فساروا علي الدرب وتوالت الاعتصامات. وفي خطوة علي نفس الدرب تلوح الحكومة بالتجاوز عن المخالفات من فصيل بعينه ليستتبعه غيره تطبيقا لمبدأ المساواة في عدم اعمال القانون! هذا المعترك لن نستطيع ايقافه لأنه بلا مبدأ؟ ولنتذكر حادث العمرانية وما تم فيه من اعتداء علي الشرطة وإحراق السيارات والممتلكات وإطلاق الرصاص والقنابل وإغلاق الطريق ثم يتم الافراح عن المقبوض عليهم ثم بناء الكنيسة المخالفة. أتراني أجد نفس المسلسل يتكرر بصورة أكثر حدة؟ في حادثة الماريناب يشير تقرير هيئة قضايا الدولة بأسوان إلي ان مبني الماريناب المتنازع عليه منزل وليس كنيسة. وهو بالتالي دليل علي أن قضية “مضيفة كنيسة” مدبرة وان العملية برمتها محض اختلاق ساعد فيها فساد أنشأه أحد رجال الدين بالتلاعب في تصريح الترميم لمنزل؟ أما سمعنا استنكار قيادات الكنيسة في أسوان لتلك المخالفات والوعد بتصحيحها وعدم قيام المسلمين بهدم أي كنيسة بقرية المريناب بإدفو مفجرة الاحداث حسب قول الانبا هيدرا اسقف أسوان؟ الا يبعد هذا الامر عن كونه فتنة طائفية؟ الا يعتبر عدم وجود أي دليل علي اشتراك اسلاميين في احداث ماسبيرو مدعاة للشك في تدبير الاحداث؟! ثم ماذا. مشروع قانون لتقنين أوضاع دور العبادة القائمة غير المرخصة؟ من قال إن أحدا يبغي الظلم؟! الم يوضع القانون لمن يظلم غيره بصرف النظر عن دينه أو جنسه أو سلطانه! ولعلي استعيد للذاكرة فضيحة لافون في خمسينيات القرن الميلادي المنصرم.
هذا الوضع ضيق الافق في التعامل مع جزئيات الامور أوصلنا الي حالة عدم الاستقرار وخاصة الفكري الذي نحياه الان نتيجة عوامل عديدة اهمها غياب الرؤية القويمة للأمور منذ يناير الماضي وهو أمر يشير بالتقصير ليس فقط لاعضاء الحكومة الذي يأتي أغلبهم من أروقة الحزب المنحل بل لأهل العلم ومثقفي الامة الذين يريد اغلبهم نصيبه من الكعكة متناسيا واجبه ومتناسيا التكفير عما اقترفه اغلبهم في حق الوطن من خلال الحزب المنحل.
أخشي ما أخشاه ان تؤدي مشاعر الغضب الحالية نتيجة الجنوح بميزان العدل بالعاطفة تجاه فصيل بعينه الي حالة لايمكن تداركها. لسنا مع التمييز ضد أحد فالكل سواسية أمام القانون ولكن دعونا الي كلمة سواء ألا نستقوي علي بعض بالخارج أو بالمال أو بأي وسيلة أخري.
اعتقد ان الوضع يغلي ولا أحد يمكنه ايقاف البركان إذا انفجر وكأننا ندفع الاحداث دفعا لنصل الي حالة الفوضي التي تمناها النظام السابق! وأتساءل أين القانون بل أين الدولة ان كنا نقنن المخالفة بالقانون؟ الم نمارس هذا السلوك في العقود الماضية: فساد بالقانون وظلم بالقانون وتخريب بالقانون! ولعل وقفة لالتقاط الانفاس هي الاجدر بالتدارس؟ اليس فرض الاحكام العرفية مع البدء بالتوازي في وضع حلول جذرية لاحوال الوطن قضائيا واقتصاديا وسياسيا وتعليميا بصورة علمية اجدر بالنظر؟ الا يمكن دعوة مشاركي أحداث ميادين مصر “المصورة في وسط الاحداث وحتي التنحي من علي البعد” ليصلحوا أمر الوطن أم أن الأمر متروك للتقارير علي نفس النهج السابق؟ اليس اختصار القضية في مسلم ومسيحي وفي مطالب فئوية وفي بلطجة اختصار مخل؟ أخشي ان ينطبق علينا قول أبي العلاء المعري: الدهر كالدهر والأيام واحدة. والناس كالناس والدنيا لمن غلبا.