أكد علماء الأزهر والمفكرون والمثقفون في مصر تأييدهم لإرادة الشعوب العربية في التجديد والاصلاح والتطوير وحق الشعوب في تغيير مجتمعاتها إلي الأفضل بعيدا عن النزاعات الطائفية والعرقية ووفقا للمباديء الدستورية والشريعة الإسلامية.
ناشدوا النظم العربية مراعاة تطلعات وطموحات شعوبهم والسعي لتحقيق الاصلاح الاقتصادي والتحول الديمقراطي حتى لا تظل المنطقة العربية في دائرة التخلف. مع الاخذ بأسباب التقدم العلمي والتكنولوجي.
أكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف في مؤتمر صحفي أمس قدم فيه وثيقة الأزهر الخاصة بتطورات الأوضاع في الشئون العربية والدولية. أهمية أن تعتمد السلطة في الدول العربية على رضا الشعوب وتوزيع السلطات التشريعية والتنفيذية والقانونية وضبط وسائل المحاسبة لتكون الأمة هي مصدر السلطات وإقامة الحكم وفق العدل ومواجهة الظلم والاستبداد وإقرار حق المعارضة الوطنية الشعبية والحركات السلمية وفق ما أقره الشرع الإسلامي والقوانين الدولية لاصلاح المجتمع.
وأوضح أن بيان المثقفين وعلماء الأزهر يأتي بعد نجاح وثيقة الأزهر التي سبق واطلقها في الشأن المحلي ولاقت قبولا على مختلف الأصعدة داخليا وخارجيا مما دفع بالأزهر إلي إصدار بيانه بالتعاون مع المثقفين لدعم إرادة الشعوب العربية.
وأوضح الدكتور الطيب أن بيان الأزهر والمثقفين لدعم إرادة الشعوب العربية الذي أعلنه اليوم يتضمن ضرورة ان تحترم السلطة الحاكمة من الوجهة الدينية والدستورية. إرادة الشعوب واختيارها الحر من خلال اقتراع علني يتم في نزاهة وشفافية ديمقراطية باعتباره البديل العصري المنظم لتقاليد البيعة الإسلامية الرشيدة وطبقا لتطور نظم الحكم العصري وما استقر عليه العرف الدستوري من توتر مع السلطات الشرعية والتنفيذية والقضائية والفصل الحاسم بينها.
وأضاف الطيب أن البيان تضمن احترام المعارضة الوطنية الشعبية والاحتجاج السلمي كحق أصيل للشعوب لتقويم الحاكم وترشيدهم وأهمية استجابة الشعوب لهم والاستجابة للإصلاحات وعدم تجاهل المطالب الوطنية المشروعة التي تنادي بالحرية وعدم مواجهة الإحتجاج الوطني السلمي بالقوة والعنف.
وأوضح بيان الأزهر والمثقفين أنه يتعين على قوي الثورة والتجديد والإصلاح أن تبتعد كليا عن كل ما يؤدي لإراقة الدماء وعن الاستقواء بالقوي الخارجية أيا كان مصدرها. ومهما كانت الذرائع والتعلات التي تتدخل بها في شئون دولهم وأوطانهم. وإلا كانوا بغاة خارجين على أمتهم وعلى شرعية دولهم. ووجب على السلطة حينئذ أن تردهم إلي وحدة الصف الوطني الذي هو أول الفرائض وأوجب الواجبات.
وطالب قوي الثورة والتجديد أن تتحد في سبيل تحقيق حلمها في العدل والحرية. وأن تتفادي النزاعات الطائفية أو العرقية أو المذهبية أو الدينية. حفاظا على نسيجها الوطني واحتراما لحقوق المواطنة وحشدا لجميع الطاقات من أجل تحول ديمقراطي يتم لصالح الجميع في إطار من التوافق والانسجام الوطني ويهدف لبناء المستقبل على أساس من المساواة والعدل. وبحيث لا تتحول الثورة إلي مغانم طائفية أو مذهبية. أو إثارة للحساسيات الدينية بل يتعين على الثوار والمجددين والمصلحين الحفاظ على مؤسسات دولهم. وعدم إهدار ثرواتها أو التفريط لصالح المتربصين وتفادي الوقوع في شرك الخلافات والمنافسات والاستقواء بالقوي الطامعة في أوطانهم أو استنزاف خيراتهم.
وأكد البيان أنه بناء على هذه المباديء الإسلامية والدستورية المعبرة عن جوهر الوعي الحضاري فإن علماء الأزهر وقادة الفكر والثقافة يعلنون مناصرتهم التامة لإرادة الشعوب العربية في التجديد والإصلاح ومجتمع الحرية والعدالة الإجتماعية والتي انتصرت في تونس ومصر وليبيا ولاتزال محتدمة في سوريا واليمن. ويدينون آلات القمع الوحشية التي تحاول إطفاء جذوتها ويهيبون بالمجتمع العربي والإسلامي أن يتخذ مبادرات حاسمة وفعالة لتأمين نجاحها بأقل قدر من الخسائر تأكيدا لحل الشعوب المطلق في اختيار الحكام وواجبها في تقويمهم منعا للطغيان والفساد والاستغلال. فشرعية أية سلطة مرهونة بإرادة الشعب وحق المعارضة الوطنية السلمية غير المسلحة مكفول في التشريع الإسلامي في وجوب رفع الضرر فضلا عن كونه من صميم حقوق الإنسان في المواثيق الدولية جميعا.
وناشد البيان علماء الأزهر والمثقفون المشاركون النظم العربية والإسلامية الحاكمة الحرص على المبادرة إلي تحقيق الإصلاح السياسي والاجتماعي والدستوري طوعا والبدء في خطوات التحول الديمقراطي. فصحوة الشعوب المضطهدة قادمة لامحالة. وليس بوسع حاكم الآن أن يحجب عن شعبه شمس الحرية. ومن العار أن تظل المنطقة العربية وبعض الدول الإسلامية قابعة دون سائر بلاد العالم في دائرة التخلف والقهر والطغيان. وأن ينسب ذلك ظلما وزورا إلي الإسلام وثقافته البريئتين من هذا البهتان.
كما يتعين على هذه الدول أن تشرع على الفور في الأخذ بأسباب النهضة العلمية والتقدم التكنولوجي والإنتاج المعرفي. واستثمار طاقاتها البشرية وثرواتها الطبيعية خدمة لمواطنيها وتحقيقا لسعادة البشرية كلها.
حذر البيان من أن أي أحد من رعاة الاستبداد والطغيان ليس بمنجاة من مصير الظالمين أو أن بوسعه تضليل الشعوب فعصر الاتصالات المفتوحة والانفجار المعرفي. وسيادة المباديء الدينية والحضارية النيرة. ونماذج التضحية والنضال المشهودة في دنيا العرب كل ذلك جعل من صحوة الناس شعلة متوهجة. ومن الحرية راية مرفوعة ومن أمل العشوب المقهورة باعثا يحدوها للنضال المستميت حتى النصر.