المظاهرات العمالية هي الشرارة الأولي للثورة. وهو ما انعكس بعد ذلك في اعنف موجة احتجاجات عمالية عبر التاريخ تشهدها مصر مع قيام الثورة وهو ما يؤكد حجم المعاناة والمأساة التشي عاشها عمال مصر علي مدار الثلاثين عامًا الماضية.
وجاءت الثورة لتعطيهم الفرصة الذهبية للتعبير عن مطالبهم الا ان ذلك انعكس علي حركة الانتاج والعمل مما ادي إلي تراجع الاقتصاد القومي.
ورصد مركز اولاد الارض حجم هذه المعاناة في 956 احتجاجاً في الستة شهور الاولي للثورة تمثلت في 338 اعتصاماً و158 اضرابا و259 تظاهرة و161 وقفة احتجاجية و40 تجمهراً اي بمتوسط 7 اضرابات يومياً.
رفعوا اللافتات ونصبوا الخيام
البداية كانت لعمال الغزل والنسيج بالمحلة الكبري في سنة 2006 حيث اضرب اكثر من 27 الف عامل لمطالبة رئيس الوزراء بصرف مكافأتهم السنوية ثم تصاعدت المطالب بعد ذلك إلي رفع الاجور ووضع حد ادني وحد اقصي املاً في تحسين اوضاعهم المالية ولمحاربة الغلاء فقام المعتصمون بنصب الخيام وتعليق اللافتات بنفس الطريقة التي تمت في ثورة 25 يناير.
يقول محمد زعبل عضو نقابة الغزل والنسيج: هناك بعض المطالب الفئوية الخاصة برفع الاجور والتثبيت تم الاستجابة لجزء منها بعد الثورة لعمال الغزل والنسيج الا ان هناك مشاكل اكثر خطورة في قطاع الغزل والنسيج حتي يمكن الارتقاء بالصناعة بعد الغزو الاستيرادي للغزول من الخارج مما ادي إلي انهيار الصناعة المحلية فتقليل نسبة الجمارك علي ما يتم استيراده ادي إلي انتشارها في الاسواق المصرية باسعار اقل من المنتج المصري وهو ما تسبب في غلق عدد كبير من المصانع وتشريد العمال.
تحرير القطن أضر الانتاج
ويضيف بان تحرير القطن المصري بعد ان ارتفعت اسعاره اثر علي الانتاج فبعد ان رفعت الحكومة الدعم عنه احتكره رجال الاعمال وتحولت مصر من دولة منتجة للاقطان إلي دولة مستوردة وهو ما يتطلب من المسئولين اعادة النظر واتخاذ بعض القرارات الوطنية للنهوض بهذه الصناعة من كبوتها مثل عدم ترك القطن وزراعته وتجارته لاليات السوق وهو ما ادي إلي انخفاض المساحة المزروعة إلي الثلث.. وهو ما تحاول حكومة الدكتور كمال الجنزوري علاجه.
ويطالب باعادة النظر في التعريفة الجمركية بالنسبة للغزول والنسيج والملابس المستوردة ومحاربة التهريب الجمركي ووضع تسعيرة للمنتجات الواردة حتي لايتم في الفواتير.
ويشير إلي اهمية دراسة كيفية الاستفادة من نسبة الهالك من الاقمشة وتوفير السيولة المالية لتشغيل شركات قطاع الاعمال العام واصلاح فوري لها لخطورة الوضع الحالي علي استقرار عملية الانتاج والتصنيع في مصر.
ثم جاء بعد ذلك اضراب 6 ابريل للاحتجاج علي الغلاء والتضامن مع اضراب المحلة.. الا ان احوال عمال المحلة لم تتغير كثيراً بعد قيام الثورة فيما عدا الارتفاع الضئيل في اجورهم وهو ما لايتناسب مع حجم احلامهم منذ قيام ثورة يناير.
لم يختلف الحال كثيراً بالنسبة لعمال السكة الحديد فقد وصلت خسائر السكة الحديد منذ قيام الثورة حتي الان إلي 300 مليون جنيه بسبب اعتصامات العمال والمواطنين.
عمال السكة الحديد يقومون بالاعتصام بين الحين والاخر للمطالبة بتحسين احوالهم الاقتصادية والتحقيق في الفساد داخل الهيئة وخلال هذه الاعتصامات رفع العمال المتظاهرون لافتات كتب عليها “الهيئة عاملة مسابقة طالبة عمال السكة الحديد طب ما احنا اولي بالتثبيت”.. “الحرامية قاعدين ليه حسني راجع ولا ايه” “يا هيئة ربنا يهديكي اولادك اولي بيكي” مؤكدين ان قرار تثبيتهم قد صدر بالفعل لكن الوزير الجديد رفض تنفيذه بحجة ان قرارات الحكومة السابقة غير ملزمة بالاضافة للمطالبة بحق احد عمال السكة الحديد الذي دهسه القطار في اسوان اثناء تأدية عمله فبدلا من ان تقوم الهيئة بصرف معاشه وحقوقه المالية كاملة لاسرته قامت باصدار قرار بايقافه عن العمل قبل الحادث بخمسة عشر يوماً.
لعمال السكة الحديد نصيب
كما شهد نفس العام العديد من تظاهرات العمالة المؤقتة بالهيئة في عدد من المحافظات بسبب تعسف الهيئة مع عمالها مهددين بان هذه التظاهرات قد تنتهي بمرور القطارات علي اجسادهم فوق القضبان اذا لم تتخذ الهيئة الاجراءات اللازمة لحل مشاكلهم ورغم ذلك مازالت الاستجابة لمطالبهم تتم ببطء شديد مما يدفعهم للتظاهر بين الحين والاخر.
في نفس الوقت اتخذت بعض المظاهرات العمالية طريقها للاعتصام علي رصيف مجلس الوزراء حيث تظاهر يومياً العديد من عمال شركات المقاولات والاعمال الانشائية وشركات السياحة للمطالبة بتجديد عقودهم او لتثبيتهم.
نفس الحال بالنسبة للرائدت الريفيات حيث نظمن العديد من التظاهرات امام وزارة الصحة ومجلس الوزراء للمطالبة بحقهن في التثبيت.
طالبوا بالتعيين ورفضوا الفساد
لم يختلف حال عمال قطاع البترول وشركات الغاز كثيراً فقد انضموا لطابور الوقفات الاحتجاجية ايضاً للمطالبة بالتثبيت وتحسين اوضاعهم المعيشية والتحقيق في الفساد والمحسوبية داخل الشركات.
كما كان لعمال وموظفي شركات مياه الشرب والصرف الصحي نصيب من هذه الوقفات للمطالبة بالتعيينات.
وكان لعمال المدارس والادارات التعليمية نصيب من هذه الوقفات حيث نظموا الكثير منها للمطالبة بعدم فصلهم واحتجاجاً علي رفض المديريات التجديد لهم.
ورغم قيام الحكومات المتعاقبة بعد ثورة يناير بالاستجابة لجزء من الطلبات الخاصة بالتعيين والترقي حيث اصبحت تتم بقواعد تتسم بالشفافية لكنها حتي لآن تتم ببطء لايناسب حجم الامل الذي يملأ قلوب عمال مصر منذ قيام ثورة يناير وعلي مدار عام كامل من تحقق الشعارات التي قامت الثورة من اجلها “عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية”.