المنظمة المصرية ترحب بالتعديلات الدستورية

كخطوة تتناسب مع المرحلة الانتقالية
المنظمة المصرية ترحب بالتعديلات الدستورية
وتطالب بسن دستور جديد

كتبت:شيماء سمير أبوعميرة

أعربت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عن ترحيبها بالتعديلات الدستورية التي طرحتها لجنة تعديل الدستور يوم السبت 26/2/2011، كإجراء مبدئي مناسب للمرحلة الانتقالية الحالية، وإن كانت هذه التعديلات غير كافية إذ لم تقترب من المواد الخاصة بصلاحيات وسلطات رئيس الجمهورية ، والعلاقة بين السلطة التشريعية وباقي السلطات ….، إذ ستؤدي لاستمرارية تغول وهيمنة رئيس الجمهورية على باقي السلطات، فمن مجموع 55 مادة في الدستور تتضمن صلاحيات أو سلطات، يختص رئيس الجمهورية بحوالي 35 صلاحية بما نسبته 63% من إجمالي الصلاحيات والسلطات، مع العلم أن رئيس الجمهورية هو رئيس السلطة التنفيذية، بينما ترك للسلطة التشريعية بمجلسيها (الشعب والشورى) 14 صلاحية فقط.

يضاف إلى ذلك، غياب الدور الرقابي للبرلمان على السلطة التنفيذية وضعف أدائه؛فبقراءة سريعة لمواد دستور 1971، يتضح لنا أن المادة 115 منه تنص على أنه لا يجوز لمجلس الشعب أن يعدل مشروع الموازنة إلا بموافقة الحكومة، وبشكل واضح تحدد المادتان 137، و138 أن رئيس الجمهورية هو رئيس السلطة التنفيذية، وهو الذي يضع السياسة العامة للدولة بالاشتراك مع مجلس الوزراء ويشرف على تنفيذها، وكذلك برغم أن المادة 81 من الدستور تنص على أن مجلس الشعب يتولى سلطة التشريع، فإن الواقع يشير إلى عكس ذلك نتيجة هيمنة السلطة التنفيذية؛ وهو ما جعل الدور التشريعي بأكمله يدخل ضمن اختصاصات الحكومة أيضاً ، أما الدور الرقابي للسلطة التشريعية على نظيرتها التنفيذية فقد تم تقيده تماماً، ومن أمثلة ذلك المادة 127 من الدستور .

وفي ضوء ذلك ، تؤكد المنظمة المصرية ضرورة وضع دستور جديد يتماشى مع طبيعة المرحلة الراهنة بمتغيراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، ويعزز حقوق الإنسان وينهض بأوضاع الديمقراطية ويرسخ لبناء دولة سيادة القانون ، ويحقق الفصل والتوازن بين السلطات، ويضمن استقلالية السلطة القضائية، ويحد من الصلاحيات الواسعة لرئيس الجمهورية، ويوفر الحق في تداول المعلومات، ويعيد هيكلة السلطة بهدف تحقيق التعادل بين السلطات الثلاثة،مع هيمنة نسبية للسلطة التشريعية على السلطة التنفيذية، وتراقب أدائها وتحاسبها.

وفي الوقت ذاته تشدد المنظمة على ضرورة إدارة حوار مجتمعي حول التعديلات الدستورية المقترحة قبل طرحها للاستفتاء، على أن يشترك فيه مختلف القوى السياسية والحزبية وفقهاء القانون ومنظمات المجتمع المدني بغية الاستماع لوجهات النظر المختلفة دون إقصاء لوجهة نظر ما.
وبقراءة التعديلات الدستورية التي أعدتها اللجنة الدستورية المعنية بوضع تلك التعديلات والمشكلة بموجب قرار من المجلس الأعلى للقوات المسلحة ، يتلاحظ الآتي :

· جاء تعديل المادة 76 على النحو الذي يكفل مشاركة أوسع للمستقلين والأحزاب السياسية في الانتخابات الرئاسية القادمة ،من خلال النص على حصولهم على موافقة وتأييد 30 عضواً على الأقل بمجلسي الشعب والشوري، أو أن يحصل المرشح على تأييد ما لا يقل عن 30 ألف مواطن من 15 محافظة ، بجانب حق الأحزاب القائمة والتي حصلت على مقعد واحد بالانتخاب في أي من مجلسي الشعب والشوري أن يرشح أحد أعضائه للرئاسة .
ومن الملاحظ أن هذه المادة انطوت على تمييز بين مرشحي الأحزاب والمستقلين،إذ اشترط للمرشح المستقل الحصول على 30 ألف توقيع ، في حين لم يشترط للأحزاب سوى الحصول على معقد برلماني واحد منتخب،وكان من المفترض أن تتساوى ذات الشروط بالنسبة لجميع المرشحين مستقلين أو حزبيين ، أو أن يشترط شروط أكثر جدية في مرشحي الأحزاب تكفل التأكد من أن المرشح يمثل إرادة مجموع من الناخبين يقارب أو يساوي ما اشترطه بالنسبة للمرشح المستقل .

· تقليص مدة رئيس الجمهورية وهو أمر يتفق مع النظم الديمقراطية بتحديد مدة الرئيس ويقضي على فكرة بقائه في هذا المنصب لمدة طويلة، إذ نصت المادة 77 على أن تكون مدة الرئيس 4 سنوات فقط غير قابلة للتجديد سوى لمرة واحدة فقط لا غير.
· اشترطت المادة 75 العديد من الضمانات للترشح لمنصب رئيس الجمهورية، فقد أكدت على أن يكون المرشح لمنصب رئيس الجمهورية من أبويين مصريين، وأن يكون متمتعاً بالحقوق المدنية والسياسية ، وآلا يكون قد حمل أو أي من والديه جنسية أي دولة أخرى ولا يحق متزوجا من غير زوجة تحمل الجنسية المصرية ولا يقل سنه عن أربعين سنه ميلادية.

· المادة 148 حددت المدة الزمنية لإعلان الطوارىء بآلا تتجاوز 6 أشهر ولا يجوز مدها إلا بعد استفتاء الشعب وموافقته على ذلك ، وإن كانت هذه الخطوة تعتبر بمثابة تحول نسبي بتحديد المدة ، ولكن في الوقت ذاته ينبغي رفع حالة الطوارىء وهو مطلب طالما نادت به كافة القوى في المجتمع بسبب إهدار هذه الحالة للحقوق والحريات التي كفلها الدستور المصري في المواد 41 الخاصة بالحرية الشخصية والمادة 42 الخاصة بحرمة المساكن ، والمادة 43 الخاصة بحرية الاجتماع ، فضلا عن إهداره الحقوق والحريات المنصوص عليها في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ومنها المادة 9 الخاصة بالحرية الشخصية والمادة 12 الخاصة بحرية التنقل والمادة 21 الخاصة بحق التجمع السلمي.كما تؤكد المنظمة ضرورة وضع الضوابط للحالات التي تجيز إعلان حالة الطوارىء بعبارات دقيقة و على سبيل الحصر, على أن تفرض حالة الطوارىء بقرار من رئيس الجمهورية بعد العرض على مجلسي الشعب والشورى و ذلك في حالة الحرب أو التهديد بالحرب أو وجود كوارث طبيعية.على أن تلتزم الحكومة بتقديم تقرير عن الإجراءات الاستثنائية التي تم اتخاذها لمجلس الشعب. و في كل الأحوال لا يجوز انتهاك حقوق الإنسان الأساسية في ظل حالة الطوارىء.

· القضاء على فكرة كون مجلس الشعب سيد قراره في الفصل في الطعون الانتخابية مما كان يجعل العديد من النواب المشكوك في عضويتهم في المجلس رغم الإرادة الشعبية ، ليرجع هذا الحق الأصيل إلى القضاء.إذ نصت المادة 93 على “إلغاء دور مجلس الشعب نهائياً في الفصل في صحة عضوية النواب، وإسناد هذا الدور كاملاً للمحكمة الدستورية العليا بعد التحقيق في الطعون الانتخابية، وتكون نتيجة التحقيق بمثابة حكم قضائي واجب النفاذ”.
· إلغاء المادة 179 والتي كانت تقنن حالة الطوارئ كحالة دستورية، وهو ما ينتهك حقوق وحريات المواطنين الأساسية وهو ما يتعارض مع وجوب أن يكون الدستور خالياً من أية نصوص تنتقص من الحماية الواجبة لحقوق الإنسان وضرورة الرقابة المسبقة لأي إجراءات خاصة بمواجهة الإرهاب واحترام حقوق الدفاع والحق في محاكمة عادلة ومنصفة أمام القضاء الطبيعي والتأكيد على قرينة البراءة وإلغاء كافة أشكال القضاء الاستثنائي.
· النص على الإشراف القضائي الكامل والمستقل على العملية الانتخابية بدءاً من إعداد الجداول الانتخابية وفتح باب الترشيح وتحديد مقار اللجان مروراً بالإدلاء بالأصوات وفرزها وانتهاءاً بإعلان النتيجة، وذلك بموجب تعديل المادة 88 ، إذ تم إلغاء النص على إتمام العملية الانتخابية في يوم واحد ، ولكن يعاب عليها النص أن يتولى عملية الاقتراع والفرز أعضاء من هيئات قضائية ترشحهم مجالسهم العليا ، وهذا يمكن أن يمثل نوع من الإشراف القضائي المنقوص، لذا يجب النص على الإشراف القضائي لقضاة المنصة وليست هيئات قضائية .
· كما تبدي المنظمة المصرية اعتراضها على طريقة اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية لوضع دستور جديد ،إذ تختار من قبل اللجنة التشريعية بمجلسي الشعب والشورى فحسب ، وإنما ينبغي أن تضم أشخاص بصفتهم الشخصية وليس لانتمائهم الحزبية على أن يتم عرض تشكيل هذه اللجنة على مجلس الشعب والشورى للموافقة. وعليه تقترح المنظمة أن تضاف مادة انتقالية للتعديلات المقترحة تنص على ” يستمر العمل بهذا الدستور لحين انتهاء الجمعية التأسيسية من وضع دستور جديد للبلاد، على أن يصدر قرار من رئيس الجمهورية بانتخاب هذه الجمعية، وينظم القانون شروط الانتخاب والعضوية لهذه الجمعية، ويتم انتخاب جميع أعضائها تحت إشراف قضائي كامل”.

أضف تعليقاً