بدون فزلكة 27 مليون قنبلة موقوتة تهدد مصر

بعد أن أثبتنا للعالم اننا شعب بارع في ممارسة الديمقراطية ملهم للشعوب ، خرج للإستفتاء و كله إصرار علي الإدلاء بصوته رغم الزحام الشديد ,ففي صباح يوم الإستفتاء انهالت عليا الاتصالات من أصدقاء و معارف و أقارب الجميع مهتم, الكل حريص علي الإشتراك في هذا العيد و حث غيرة علي المشاركة ،,و جاءت الرابعة عصرا ومازلنا نتنقل بين اللجان المزدحمة ,و انتهي بنا المطاف إالي الإستسلام و الإلتزام بالطابور, و كان امتع طابور في حياتي ,الوقت يمر بسرعة غريبة ,الطابور منظم منتهي الرقي و التحضر والروعة شعرت و كأنني في احد مطارات اوروبا ,و تمر بيننا فتيات تحملن المياه المثلجة ، و شباب يحملون المناديل الورقيه ,قمة الروعة و النظام و التحضر , و الحب , و التعاون ، و احترام الرأي الاخر .

الاجمل من ذلك بعض المواقف التي لاتزال عالقة بذهني و من الصعب تجاهلها ,منها كان هناك لجنة إستثنائية لكبار السن و الامهات اللاتي تحملن ُرضع و عندما أشار أحد رجال الجيش لسيدة تقف خلفي قائلا (يمكنك تخطي الطابور و التصويت من خلال اللجنة الإستثنائية ) رفضت السيدة في أدب ممتزج بخفة الظل (هل تريدهم ان يقولوا اني عجوز و لم استطع الصمود في الطابور لا ) و كانت السيدة الجميلة مستمتعة بهذه الوقفة التاريخية , رجل اخر سمعته يقول لاطفالة الصغار( انا جيت علشان مستقبلكم) ,كانت فرحة تشبة فرحة العيد 0

موقف اخر لفتاه لم تتجاوز التاسعة عشر تحمل كاميرا فيديوا و تتجول بين الناس و تسجل أرائهم و إنطباعاتهم و تسأل (نعم أم لا و و لماذا )و عندما سألتها سيدة لاي قناة هذا التسجيل … ابتسمت الفتاه قائلة انه خاص بي ,تسجيل شخصي لهذا الحدث التاريخي الذي لم اشاهدة من قبل 0
و من قال( نعم) ابدي اسبابة و من قال( لا) برر اعتراضه ,لم يحتكر اي من الفريقين الرأي ,و لم يحاول أي منهم التأثير علي الاخر لاقناعة بتغيير اختياره ,كان تجسيد حقيقي لممارسة حرية الرأي و التعبير واحترام الراي الاخر .

فمن صوت ب (لا )لم يفعل ذلك إلا حبا في مصر ,و من قال( نعم) ايضا قالها في حب مصر , رغم خلافهم حول( نعم و لا) لكنهم اتفقوا و توحدوا علي حب مصر و مصلحة مصر ,كلا حسب رؤيته0

فهذا الشعب الجميل لا يمكن ان ينساق أو ُيستقطب ، انه متيقظ واعي لحملات التجييش الطائفي التي تحاك ضدة , ونتيجة الإستفتاء جاءت انعكاس لراي الشارع ,لذا دعونا نترك الافكار الهدامة ,و نبني مصر ,نحافظ علي بلد محل أطماع العالم ,كفانا اطلاق الفتاوي ,كفانا شك و تشكيك ,نحن جميعا أبناء وطن واحد ,نرتوي من نيله و نشبع من أرضة و نستظل بسمائة ,و من يتعامل مع الوطن علي انة (كعكة) فأتحادنا و ثقتنا ببعضنا سلاح هام لهدم أطماعة 0

بالطبع كلي ثقة و يقين بكل من خرج يوم الاستفتاء بانه لم و لن يخدع و ينساق وراء مثيري الفتن مرتدي عباءة الدين و نحمد الله سبحانة و تعالي انهم قلة قليلة .

لكن الخطر يكمن في المستمرين فى العزوف و هم نسبة لا يستهان بها ,فمن كان لهم حق التصويت في الاستفتاء 45 مليون و من شارك 18 مليون , اي ما يقرب من 27 مليون نسمة و في اعتقادي ان كل منهم قنبلة موقوتة 0

,و هذا ما دفعني يوم الإستفتاءأثناء طريقي للعودة دون ان اشعر وجدتني ابحلق و امحلق في أيادي كل الناس, هل اصتبغ أحد أصابعه باللون الاحمر ام لا ,لا اخفي فرحتي و انا اري علامة نصر الديمقراطية و الوعي لدي شعبنا الجميل ,و رغم وجود العلامة الحمراء فوق اصابع الكثيرين ممن قابلتهم إلا ان هناك نسبة ليست بالقليلة كانت لا تعي ما يحدث علي الساحة معتبرين انفسهم جزء منفصل عن احداث الثورة و ما يشهدة المجتمع من تغيرات لا انكر انني قابلت العديد من هذه النماذج قبل و بعد الثورة و كنت احاول جاهدة في كل مكان اتواجد فية ان اثير النقاش حول الموضوعات الملحة علي الساحة كنت افعل ذلك اثناء تواجدي في المترو او المواصلات العامة او حتي داخل المحلات التجارية كلما سنحت الفرصة حتي قبل التعديلات الدستورية كنت حريصة علي توضيح كافة المعلومات عن التعديلات و أسباب رفض البعض لها و كذلك اسباب قبول البعض دون التأثير علي رأي الناس ,كنت اكتفي بالشرح و التوضيح و اترك للمتلقي حرية الاختيار،

والان اتصور ان الدور المفروض علينا نشر الوعي السياسي و الحقوقي بين غير المتعلمين فمازالت هناك طبقة ليست بالقليلة كل طموحتها في الحياه (ضل الحيط و لقمة بالبيت )و هذا اتضح من رصد ميداني اجريتة بنفسي عقب الثورة حول احلام و طموحات البسطاء حيث اتفقوا جميعا علي مطالب بعينها و أحب سردها دون فزلكة مني (يسكنونا , و يرخصوا الاكل , و يوفروا المواصلات ويراعوا الارامل و المطلقات ,و يشغلوا ولادنا ) هذا المستوي من التفكير منطقي جدا لانه في البداية كي يصبح عضوا فاعلا في المجتمع علينا ان نشبع احتياجاته الاساسية من مسكن و مأكل و ملبس و يأتي في المرتبة التالية لذلك المشاركة السياسية و المجتمعية لذلك علينا في البداية ايجاد حلول قابلة للتنفيذ للإستفادة من هذه القوي البشرية الهائلة في أعمال مفيدة للمجتمع تدر عليهم عائد مادي يوفر لهم الحياة الكريمة هذا من ناحية ,

من ناحية اخري علينا جميعا التحدث مع هذه الفئة و تفتيح اذهانهم و اقناعهم بأهمية صوتهم الانتخابي في تحديد مستقبلهم و مصيرهم و إلا فقدنا قوة تصويتية هائلة يمكن استغلالها من قبل فلول النظام القديم ،كما يمكن استغلالهم كوقود لاشعال نار الفتن الطائفية و الاجتماعية من قبل بعض الطامعين فى تقسيم الكعكة 0

1 comment
  1. للذين يقولون ليس مهم النتيجة والمهم هو ان الناس عبرت عن رأيها بالتصويت ….. وأنا أذف لهم خبراً لن يعجبهم .. فالجميع مخدوعين وضُلِلوا وسيقوا إلى محل ذبحهم وهم سعداء…وفخورين ..وهذه هى المأساة عينها…….. فالديموقراطية ليست لغة مظهر فقط .. ولكن الجوهر هو كل شيء ..فمن أخذالفرصة ليحكم نفسه بالتصويت وإبداء رأيه ..المفترض أنه يتمتع بمعرفة ما هو مقدم عليه المعرفة الكافية ..وهذه المعرفة تتطلب الوقت المناسب لاستيعابها كحقائق..وعندما يكون 30% أميون ومثلهم بالكاد يستطيعون القراءة والكتابة والباقون من دخلوا نظم تعليمية عفا عليها الزمن فخرجوا – وليس لهم ذنب – أنصاف وأخماس متعلمين …. التصويت هو عمل ديموقراطى .. إذا كان المشتركون يعرفون ما هم مقبلون عليه ……. والجهل و الفقر هو أسوأ وأكبر عدو للديموقراطية .. فتحت ثقلهما لا يستطيع أحد أن يفكر لنفسه أو يملك أدوات المعرفة أو منطقها …إذن الوقوع تحت التأثير أمر وارد بل مرجح……. و تستطيع أن تتنبأ بالنتائج قبل أن ينتهون من عد الأصوات .. و ما حدث فى مصر الحبيبة أن السلطة قد قررت ولم تتزحزح أن تأخذ خطوات لا تحمل أى شرعية من مصدر الشرعية الوحيد …بل أجبرت الجميع على الرضوخ لخطتها .. ولست أُوجه إتهاما بخيانة الثورة ..بل هو إستعلاء وإحتواء وفرض وصاية ..ستكون نتيجتها ميدان التحرير مرة أخرى…………..بلا شك
    وما جاء فى مقالك يا عبير هو تفاؤل جميل مطلوب ..ووعى ما لبث وكشف الواضح للعيان ..وهو كيفية قيام ديموقراطية تحت معادلة وجود أغلبية مهمشة تحت وطأة الجهل والفقر ؟؟..وقد قادك ذلك إلى المطالبةبأولوية سد حاجاتهم الأساسية من عمل ومسكن ومأكل وملبس ..فى نفس الوقت النزول لهم ونشر التوعية السياسية والإقناع بأهمية أصواتهم الإنتخابية ..وأعتقد أنه يجب دراسة تجربة الهند التى تتشابه ظروفهم الإجتماعية من هذه الناحية معنا .. فهناك نسبة فقر وجهل كبيرة أيضاً..و يمارسون حياة ديموقراطية فعالة………

أضف تعليقاً