الاسلاميون في مصر

تحديات جسيمة يواجهها حزب الحرية والعدالة الذي يعبر عن جماعة الاخوان المسلمين بعد أيام من خروجه إلي النور كأول حزب في مصر يعبر عن هذه الجماعة التي تأسست قبل ما يزيد علي الثمانين عاما ولعبت دورا خطيرا في تاريخ مصر الحديث سواء بالسلب أو بالايجاب وفقا لرؤية المراقبين لنشاطها.
فقد شهدت مصر عملية استقطاب واضحة المعالم عقب الاستفتاء علي التعديلات الدستورية في مارس الماضي ما أسهم في بلورة ثنائية وضعت التيار الاسلامي في جانب والقوي السياسية في الجانب المقابل وبدأت حرب ضروي في وسائل الاعلام تستهدف التخويف من التيار الاسلامي وتتحدث عن عداء السلفيين للديمقراطية وتفكيرهم لها كما لم ينج الاخوان المسلمون من الاتهام بالانتهازية السياسية.
لكننا بصدد مجموعة من الحقائق لابد من التوقف عندها قبل الانطلاق في أي محاولة للبحث في مسار هذا التيار حتي لا نقع في تناقضات .
* أولي هذه الحقائق هي انه جري تهويل في حجم الاسلاميين وفرض فوزهم في أي انتخابات مقبلة والحقيقة مخالفة لذلك تماما فالاسلاميون بمختلف توجهاتهم سواء الاخوان أو السلفيون اذا شكلوا حزبا وخاضوا الانتخابات وكذلك الجماعة الاسلامية ليس بوسعهم في كل الاحوال حصد اكثر من ربع مقاعد مجلس الشعب وليت استطلاعات للرأي تجري للتحقق من ذلك.
* الحقيقة الثانية هي أن الهوية المصرية تتنازعها انتماءات وطنية وقومية ودينية وان هذه الانتماءات تعمل في دوائر متشابكة ولا يوجد بينها تعارض في المطلق لكن بعض التيارات تغلب انتماء علي الآخر دون ان يعني ذلك بالضرورة خصما من الانتماءات الأخري.
وقد يتحرك التيار الاسلامي من منطلق رؤيته الدينية لما ينبغي أن يكون عليه الوطن وهذه الرؤية قد تتعارض مع رؤي التيارات الأخري ومن هنا علي الجميع الاحتكام إلي قواعد اللعبة الديمقراطية دون محاولات اقصاء أو استئثار بحيث يعي الجميع ان شراكة الوطن وعاء قادر علي احتواء اختلافات المواقف والدين ايضا اذا تم اللجوء لقيم مشتركة حاكمة.
* الحقيقة الثالثة هي أن الدين سواء كان الاسلام أو غيره مكون رئيسي لقناعات الانسان وتوجهاته ومواقفه في الحياة سواد السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية ولذلك فشلت كل محاولات ارغام الدين علي الاختفاء من الحياة العامة والاكتفاء بالظهور فقط في شعائر المتدين ومكنونه الداخلي لذا تتطلب الحكمة ايجاد وسيلة لاستيعاب هذا التيار في اطار ديمقراطي حاكم.
نخلص من كل ما سبق إلي القول بانه لابد من التسليم بحق الوجود للتيار الاسلامي في مصر لننطلق من ذلك إلي مطالبته باحترام حقوق الآخر المختلف سواء في الدين أو التوجهات والتوافق علي قواسم مشتركة لا تخلط ما هو ديني بما هو سياسي مع التسليم بانه لا أحد يمتلك الحقيقة المطلقة.
وقد ارتكب النظام السابق اخطاء فادحة في حق الوطن عندما تلاعب كثيرا بهذا التيار واستخدمه كفزاعة للداخل والخارج لضمان بقائه في سدة الحكم وكانت نتيجة ذلك أننا ونحن مقبلون علي تجربة ديمقراطية حقيقية مطالبون بالتعامل مع تيار نجهل حقيقته بشكل كبير كما أن هذا التيار نفسه فقد فرصا هائلة لتطوير مواقفه وتطويع افكاره لصالح مزيد من الاندماج في المجتمع.

أضف تعليقاً