مفتي ليبيا أشاد بالقذافي وكفره بعد مقتله

لا تزال تتردد أصداء حادثة التمثيل بالقذافي بعد القبض عليه من الثوار الليبيين وليت الأمر وقف عند ذلك الحد بل زاد عليه فتوي من مسئول الإفتاء الليبي الذي كان موجوداً كأحد عناصر نظام القذافي بأن الصلاة عليه بعد قتلة حرام شرعاً بل ولا يجوز دفنه بمدافن المسلمين وأخرج القذافي من خلال فتواه من الإسلام مما يكشف عن وجود خلل في الفكر الإسلامي بالنسبة للداعين إليه في الوقت الحاضر.
المفكر الإسلامي د. محمد الدسوقي الأستاذ بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة قال: نهي الرسول صلي الله عليه وسلم عن التمثيل بالقتلي الذين يسقطون في الحرب. إمعاناً في النكاية والتشفي وصار الصحابة علي نهج رسول الله صلي الله عليه وسلم حيث رفضوا التمثيل وذموه وثبت ذلك بأحاديث شتي ففي حديث بريدة: أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يقول لقواده: “اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا”.
وروي أن عمر بن عبدالعزيز كتب إلي عامل من ولاته: أنه بلغنا أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان إذا بعث سرية يقول لهم: “اغزوا باسم الله ولا تغلوا ولا تمثلوا”. وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: “أعف الناس قتلة: أهل الإيمان ومعني هذا: أنهم يترفعون عن الانتقام من الموتي. والتمثيل بأعضائهم وجثثهم. فهذا يتنافي مع عفة أهل الإيمان. فقد منع الخلفاء الراشدون نقل رءوس المحاربين من قادة أعدائهم إلي خلفائهم. ليتشفوا بالنظر إليها. وعن عبدالله بن عامر أنه قدم علي أبي بكر الصديق رضي الله عنه برأس البطريق. فأنكر ذلك. فقال: يا خليفة رسول الله. إنهم يفعلون ذلك بنا. قال: فاستنان بفارس والروم؟ لا يحمل إليّ رأس. فإنه يكفي الكتاب والخبر. وعلي هذا استقر الفقه الإسلامي.
أضاف: أن الفقهاء أكدوا أنه لو تمكن المسلم من كافر حال قيام الحرب فليس له أن يمثل به باعتبار أن ذلك يخالف أصول المسامحة وحرمة أجساد الموتي الذين فاضت أرواحهم إلي خالقهم وبالتالي حسابهم بين خالقهم إن أحسنوا أو أساءوا وقد أجمع المسلمون علي حرمة التمثيل بالجثث حتي وإن كانت لغير المسلمين أما بالنسبة للقذافي فإنه لم يثبت خروجه عن الإسلام حتي وإن كان ارتكب الكثير من الحماقات والافتراءات بالقتل والإهلاك لشعبه فهناك طرق قانونية يمكن من خلالها الوصول إلي المطالب العقابية فقد شرع الإسلام العقوبات الرادعة في القصاص والحدود بهدف ردع الظالمين والمفسدين نص عليها الفقهاء في كتاباتهم عن حد الحرابة استناداً إلي قوله تعالي: “إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض”. وبالتالي التمثيل بالأفراد منهي عنه في الأصل فإذا وقع قتل فيكون الانتقال إلي النهي الثاني بالمنع من التمثيل بجثث المقتولين رغبة في التشفي فالجسد بمجرد خروج الروح منه صار ملكاً لله رب العالمين وإلا كان هناك اتفاق بين العلماء علي نقل الأعضاء باعتبار أن الجسد ليس ملكاً لله رب العالمين وأنه لا قيمة له. ولم يكن لنهي رسول الله صلي الله عليه وسلم عن التمثيل بالقتلي له فائدة.
أكد الدكتور محمد رأفت عثمان عضو مجمع البحوث الإسلامية أن هناك التزاماً دينياً لا خلاف عليه بالنهي عن التمثيل بالجثث احتراماً لكرامة الحياة وحكمة الموت وقد نهي الإسلام عن التمثيل بالجثة. فالدولة في العصر الحديث هي المكلفة بالقصاص. وعملية القصاص هي عملية منظمة ولو ترك الأمر علي حاله لاستمر انتقام يقابله انتقام ولعمت الفوضي والظلم في المجتمع ومن تورط في أي عمل من أعمال الانتقام يعتبر خارجاً عن آداب الإسلام وتعاليمه وخارجاً عن القانون ويستحق العقاب القانوني المنصوص عليه في القوانين المحلية أو الدولية ولا يترك الأمر إلي صورة الهمجية التي تؤدي إلي قتل الأشخاص والتمثيل بأجسادهم بما يسيء إلي الإسلام أو يخرج أحد المفتين ليلصق بشخص كان يصلي وفق ما أثبتته الأفلام التليفزيونية وبالتالي يثبت إسلامه ولا يمكن الحكم عليه بالكفر أو يخرجه من الملة فالرسول صلي الله عليه وسلم قال: أمرت أن أعامل الناس بالظاهر والله يتولي السرائر والإيمان والكفر أمر داخلي بين العبد وربه ولا يجوز أن نحكم علي بعضنا بالكفر أو الحرمان من الدفن في مقابر المسلمين وبدلاً من أن يهتم الثوار بقضايا بلادهم في إعادة الاستقرار والأعمار ينشغلون بترك جسد القذافي ليكون عبرة للناظرين دون مراعاة لحرمة الموتي وهو ما يخالف مبادئ الإسلام كلياً وجزئياً.
أضاف: أن الدول بالمنطقة تمر بمرحلة بالغة الصعوبة في الوقت الراهن بسبب التكتلات والتحالفات التي تتربص بها ومن يعطل مسيرة وحدتها أو عودتها إلي مكانتها في قيادة الأمم فإنه يسهم في تغلغل التدخل الأجنبي بها بما يساعد علي عودة الاستعمار الخارجي في صورة متباينة ويتراجع الإسلام خطوات بعيدة حتي يكون مهدداً بالانزواء عن الساحة وتركوها للأعداء من الراغبين في محو الهوية الإسلامية فالإسلام لم يقل بتشويه جسد الموتي حتي ولو كانوا فجارا أو من الخارجين عن القانون فالتشريع هو الذي أرسي الأسس والأصول القانونية العالمية فالقانون الفرنسي استمد مبادئه من فقه الإمام مالك ابن أنس. والإسلام هو الذي أرسي قواعد العقوبات بصورة دقيقة تضمن لكل صاحب حق الوصول إليه. وما حدث في ليبيا يؤكد أن المصريين كانوا في قمة الحضارة بتعاملهم مع النظام السابق الذي أزهق أرواحهم وقضي علي طموحاتهم طوال سنين طويلة ورغم هذا كان هدفهم هو إسقاط النظام فقط وبعدما سقط النظام تم تقديم المذنبين إلي المحاكمات ولم تخرج دعاوي تكفيرية ولا مساع إلي القتل أو التشويه.

أضف تعليقاً