كيف يعيشون في ميدان التحرير؟

كيف يعيشون في ميدان التحرير؟

تقرير: شيماء سمير أبوعميرة

شائعات كثيرة طالت ميدان التحرير في مصر, قيل أن هؤلاء مجرد مئات أو الاف يتناولون وجبات الكنتاكي ويدفع لبعضهم بالدولار ليستمروا في البقاء والمبيت أو أنهم مجرد شباب الفيس بوك الذين خرجوا للشارع واستقروا به.

حدود الميدان تبدأ من كورنش قصر النيل وحتى حدود مجلس الشعب إلى مدخل شارع طلعت حرب وشارع عبد المجيد الرمالي وحتى آخر المتحف المصري تحيط حدود الميدان دبابات الجيش التي افترش المتظاهرون أسفلها خيامهم وأمتعتهم خوفا من انسحاب الجيش الذين يعتبرونه صمام أمان يحميهم من بطش السلطة ومن البلطجية الذين قتلوا وأصابوا منهم المئات يوم الأربعاء 2فبراير
عند كل مدخل للميدان (أربعة مداخل ) تصطف طوابير من الرجال والنساء للدخول للميدان فالبعض يبيت في الميدان وآخرون يتنابون جيئة وذهابا كل يوم وينصرفون قبيل العشاء .
يقوم الرجال بتفتيش الرجال والنساء بتفتيش النساء على 3 مراحل:
– أن يظهر من يريدون الدخول بطاقاتهم الشخصية .
– يتم تفتيش الحقائب والأطعمة
– يتم تفتيشهم ذاتيا
ويصطف امام هؤلاء صفوف من الشباب فى مداخل الميدان للترحيب بالمنضمين الجدد مرددين مرحب مرحب بيكم…. يا أهالينا انضموا لينا”
محمد رجل في أواخر الثلاثنيات أحد الذين اصطفوا للترحيب بالقادمين يقول:”انا هنا من 10 أيام أحيانا بروح وأجي لكن احنا لسه على أول الطريق ومش هانمشي إلا لما يمشي ..كرامة فرد مش أغلى من كرامة شعب “والإعلام الرسمي بتاعنا مضلل وكذاب”
ويضحك قائلا:” ماتنسيش تاخدي كنتاكي مجانا ”
ويحيط بالميدان من كل جانب صور الشهداء الذين سقطوا في التظاهرات في التحرير أو في المحافظات الأخرى ,وفي منتصف الميدان يوجد نصب تذكاري لهؤلاء الشهداء يضم صورهم وبعض المعلومات عنهم تحت لافتة كبيرة تسمى”الورد اللي فتح في جناين مصر ” ويسير في طرقات الميدان شباب وفتيات مكتوب على أذرعهم لافتات”أمن الميدان ”
أهالي الميدان كما يسمون أنفسهم يرفضون وجود شخصيات بعينها ويرحبون بشخصيات أخرى فلم تفلح الإعلامية لميس الحديدي مقدمة برنامج “من قلب مصر” وزوجة الإعلامي الكبير عمرو أديب في إقناع شباب التحرير بالتخلي عن موقفهم والعودة إلى بيوتهم بحجة أن أغلب مطالبهم قد تم الاستجابة لها وتحقيقها في وقت قصير ,فتجمهر المتظاهرون حول لميس مرددين “دم الشهدا مش هيضيع””ياشهيد نام وارتاح واحنا نكمل الكفاح” إلى أن طوقها مجموعة من الشباب وتحركوا بها إلى خارج المظاهرة تحت هتاف المتظاهرين “بره بره بره”.
كما طرد المعتصمون الفنان تامر حسني من الميدان لأن له موقفا ضد الثورة في بدايتها
في حين رحب المتظاهرون واحتفوا بالعالم الدكتور احمد زويل ومنير فخري عبد النور عضو حزب الوفد ود .عصام شرف وزير النقل الأسبق.
ووائل غنيم الذي اعتقل لمدة 12 يوما واالمدير الإقليمي لشركة جوجل ومنشئ صفحة كلنا خالد سعيدا – الشاب الذي توفي إثر التعذيب في أحد أقسام الشرطة في الإسكندرية ,والذي أصرت والدته على الحضور من الإسكندرية إلى القاهرة لتشارك المتظاهرين في ميدان التحرير.

والميدان يكتظ بالخيام وأركان أخرى مختلفة للمستشفي الميداني والعيادة الميداني وركن لفناني الثورة وأركان أخرى لبعض النقابات نقابة العلاج الطبيعي ونقابة الصيادلة ونقابة الضرائب العقارية وأركان أخرى للمحافظات ركن أهالي البحيرة …أهالي المنوفية ,أهالي أسيوط والعياط..إلى اخره
كما يوجد في الميدان العديد من الإذاعت الميدانية التي يقوم المتظاهرون فيها بالتعبير عن ارائهم أو إنشاد القصائد أو ترديد بعض الأغاني الوطنية لعبدالحليم حافظ أو تألف وغناء أغاني جديدة يسمونها أغاني الثورة أبرزها”أغنية هما مين واحنا مين”هما بياكلوا حمام وفراخ واحنا الفول دوخنا وداخ “هما بيسكنوا فلل وقصور واحنا بنسكن سبعة في أوضة,هما مين واحنا مين ,احنا احنا المصرييين” وأغنية يلا يامصري ويامصرية .

حسين شاب صعيدي وقف يعتلي إحدى الإذاعات الميدانية يقول :توفي لي 5 أشخاص في قطر الصعيد وماحدش خد حقهم والعبارة مات ليا فيها واحد قريبي وبعدين ممدوح إسماعيل صاحب العبارة هرب وجيت من الصعيد أقول للناس:ماينفعش نرجع للوراء”
وفي إحدى الإذاعات أعلن المعتصمون تغيير اسم شارع مجلس الشعب إلى شارع الشعب وكتبوا على مجلس الشعب مغلق لحين انتهاء الثورة.ثم وقفوا يغنون أغنية صورة صورة ”
في أوقات مختلفة صباحا.. مساءا يتبادل الجنود الحديث والأطعمة وأكواب الشاي الساخن في طقس بارد مع المتظاهرين
محمد أحد عساكر الجيش يقول:أنه سعيد لوجوده في الميدان وللحفاوة التي قابلهم بها المتظاهرون “دول أهلنا”
أما عم عبد الفتاح, أحد الذين افترشوا أمام دبابات الجيش على مقربة من المتحف المصري فيقول :جيت من يوم 29 يناير لماشفت الشباب الصغير بيموت ,احنا رايحيين لكن هما لازم يعيشوا وكفايانا ظلم والجيش مابيقتلش الشعب الجيش نظيف والشرطة ايديها مليانة دم ومابتراعيش ربنا”
وحينما نسير نجد العيادات “عيادات ومستشفيات الميدان كل واحدة برقم معين ”
وتقول د.فاطمة عبد الفتاح أحد الطبيبات الشابات :”جئنا لإسعاف المصابين ولتقديم الخدمات الصحية لمن يبيتون في الميدان وتوزيع النشرات الصحية عليهم”

وفي الطريق قابلنا عم علي الذي ضايفانا وقدم لنا “شاي التنحي “– على حد تعبيره- وقال:”مش همشي هو يمشي ورزقي على قدي وبالعافية بقضي يومي وبردوه مش همشي وهيتنحى ,احنا الناس الشقايانه احنا البلد دي مش حد تاني”

وفي الطريق على مختلف الجوانب يكتظ الميدان بالخيام بعضها خيام تم شراؤاها والخيام الأخرى من أكياس البلاستيك أو البطاطين,عائلات بأكملها أطفال ورجال ونساء محجبات وغير محجبات ومنتقبات تتفاوت الأعمار فالخيام تضم الشاب والشيخ والعجوز والطفل والفتيات, فليس كل من في الميدان هم شباب هم طوائف مختلفة الجامعي والفني والأمي وابن الذوات زي مابيقولوا في مصر والغلبان واللي مش لاقي ياكل وسواق التكتك والنقاش والسمكري وبياع الفول , كل هؤلاء موجودون معتصمون في الميدان ,

تلاحم عجيب رصدناه بين الجيش والشعب وبين المسلم والمسيحي أيضا, فالمسلمون يؤدون الصلوات في أوقاتها والمسيحيون يقيمون القداس يومي الأحد والجمعة,واللافت للنظر أيضا أن النساء يؤدين الصلاة في الميدان خلف صفوف الرجال مثلما كان يحدث ايام الرسول صلى الله عليه وسلم
وبينما كنا نسير خرجت مظاهرة للمشايخ الأزهر يرددون هتافات “مصر ياأم ..ولادك أهم” ياشهيد نام وارتاح واحنا نكمل الكفاح ”

ومظاهرة أخرى للأطفال فقط أحاط بها أولياء الأمور خرجت تهتف “باطل باطل””ارحل ..ارحل”
و مسيرة صامتة بالشموع على أرواح شهداء ميدان التحرير، وطافوا بها الأماكن التى سقط فيها الضحايا بداية من أمام المتحف المصرى ومرورا بشارع شامبليون وشارع طلعت حرب وشارع باب اللوق ووصولا بمسجد عمر مكرم.

وعلى الناحية الأخرى ,نجد ركنا يسمى فنانو الثورة حيث يقوم الشباب فيه بالتعبير عن ارائهم بالرسومات الفنية والتشكيلية والكاريكاتير
أحمد ومعز ومحمد مجموعة شباب رسموا لوحة على الأسفلت عبارة عن تمثال نهضة مصر وكتبوا عليها إهداء إلى شهداء الثورة.
أما محمود فيرقد على الرصيف يرسم لوحات تعبر عن رفضه للديكتاتورية ولقمع المتظاهرين ولتصدير الغاز لإسرائيل

توقفنا عن أحد بائعي الكشري والذين يبعيون الطبق اللي ب5 ب2ونصف واللي ب4 ب2 جنيه :”اتفضلوا كنتاكي بتاعنا …كل واحد ياخد حقه من الكنتاكي”-ساخا من التلفزيون المصري الذي أشاع انهم يتناولون وجبات الكنتاكي المدفوعة .
ويقولك أنا اسمي سيد مسلم وهو اسمه إيهاب مسيحي واكتر من أخويا وطول عمرنا سوا عشان بيقولوا فيه فتنة طائفية وعندما سألناهم ليه بياعين الكشري بيبعوا بالسعر ده ,قالوا كبنحارب الغلاء على طريقتنا”

وفي الطريق قابلنا إسلام طفل لم يتجاوز الثالثة عشر من العمر يجلس في الشارع يبيع زجاجات المياه يقول:أنا جيت هنا لماعرفت إن كل الناس الغلابة هنا وإن خلاص ماحدش هيضربنا أصل أنا كنت باشتغل أمسح العربيات واللي يديني حسنة بيديني واخر الليل عساكر في الشرطة كانوا بيضربوني وبياخدوا اللي معايا ويبولي 5 جنيه أو 10 أحيانا أروح بيهم لخواتي”

وعلى الجانب الآخر تجلس ياسمين فتاة منتقبة تبلغ من العمر 22عام”- ورفضت أن نقوم بتصويرها على الرغم من أنها منقبة- تقول:على فكرة أنا مش منقبة بس مكسوفة احسن حد يعرفني ويشوفني انا وببيع المياه وتقول ظروفي صعبة ومتجوزة من شهرين ةانا خريجة اداب وجوزي سياحة وفنادق ومش لاقية شغل وجيت المظاهرة من تاني يوم وعرفت من الفيس بوك
اصل دايما كنت ادخل النت نص ساعة بجنيه ادور على شغل واقدم فيه ساعات بشتغل واضطر اسيبه لظروف كتيييير”
ولاحظنا شيخ كبير جدا في السن يقف في منتصف الميدان يحمل لافتات ويدعى الحاج محمد فسألناه لماذا أنت هنا ظ قالكعلشان تعبان من المعيشة والغلا قلنا طيب وهتستريح يعني لما الريس يمشي قال هما كلهم زي بعض بس الواحد بيحاول يمكن ظروفنا تبقى أحسن”
أما الست عزيزة ست عجوز فتقول أنا أم مصرية وامية لابعرف اقرا ولا اكتب ..انا هنا علشان ولادي وأحفادي وبقول متخافوش متخافوش خليكو صامدين.
وأحد الرجال المسنيين يدعى حمزة يقول احنا هنا مش علشانا احنا هنا علشان دول ويشير إلى حفيدته التي يحملها على ذراعيه.
وبعد صلاة المغرب يخطب الشيخ محمد مظهر إمام مسجد عمر مكرم في الناس ويقول :يوم الجمعة 28 يناير منعوني من ألقى خطبة الجمعة بين الالا ف في المسجد وصلينا خمسة أفراد فيشاء الله أن أخطب الجمعة اللي بعدها 4 فبراير في 3 مليون شخص”.

وفى التحرير ,الجميع يحملون المقشات، وينظفون الميدان. وفى نهاية اليوم تذوب الفوارق ,ولا تكاد تميز بين شباب الجامعة الأمريكية، وبين خريجى دبلوم الصنايع ، بعد أن تكون مهمة التنظيف قد أخفت معالم حاملى المقشات، وتكون حرارة الشمس كفيلة بأن تقرب كثيرا من ملامح مرتادى نادى الزمالك جزيرة ومركز شباب عين الصيرة .

3 comments
  1. حسام الصباغ 11/02/2011 16:10 -

    ابكى الله من ابكى ابناء مصر وهددالله من هدد امنهم امين يارب العلمين ياسيادة الرئيس بعد المساوىْ اللى شفناها فى عهدك بتقول مش حا اسيب مصر حرصا على امنها وهل جلوسك هذا فيه امنها حد يرد عليا بامانه تهديد داخلى وتهديد خارجى يارب سلم بمنتهى البساطه ارادة اكتر من ثلاث ارباع الشعب يرفضها رجل واحد ماذا يسمى ذلك !!! شباب التحرير لا ينتمى الى حزب معين وغير مظم ولايدعمه غير احتياجعه للتغير والتنظيف احس انه يجب ان يواكب الدنيا بدون تعسف ولا بيروقراطيه بحريه كامله وان يجنى ما يزرعه دون ان يقاسمه احد وهذا حقه وانت اعترفت بذلك والجيش والدنيا صبرنا ثلاثين سنه هذا يكفى انت مش واخد بالك من حجم الكارثه ياراجل من باب الوطنيه والشرف احقن الدم كل يوم بيعدى نقطه سوده فى تاريخك

أضف تعليقاً